سورة الكهف ومنهج التزكية (18) الصحبة وأثرها في الأحسنية
سورة الكهف
ومنهج التزكية (18)
الصحبة وأثرها في الأحسنية
الحمد لله ذي العزِّ الوَاصِبِ، المسَبِّحُ بحمده الرعدُ
القاصِب، والنجمُ الثاقِب..
والصلاة والسلام على نبينا محمد الماحي الحاشر العاقب،
خير مُجَالِسٍ وأَكْرَمِ صَاحِب...
وبعد؛
فلم نزل بصدد قول الله عز وجل: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا
عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا(7)﴾ [الكهف: 7]، إذ أنه من الإحسان ألا نعجل بذكر متعلق الإحسان وعوائقه، وقد سبقت
الإشارة بأن العجلة هى أحد أدواء الأحسنية..
ومن جملة هذه
العوائق لمنزلة الأحسنية – ما وردت به الإشارة في سورة الكهف من عظيم أثر الصحبة،
وجسيم خطرها على إحسان العبد، فقال جَلَّ شأنه: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ
الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ
وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ
تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ
وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا(28)﴾ [الكهف: 28] .. قال الشيخ السعدي في «تفسيره»: «ففيها الأمر بصحبة الأخيار، ومجاهدة النفس على صحبتهم ومخالطتهم
وإن كانوا فقراء؛ فإن في صحبتهم من الفوائد ما لا يحصى». –انتهى-
وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ
أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» (مسند
الإمام أحمد بسند جيد) أي: على عادة صاحبه وطريقته وسيرته، فمن رضي
دينه وخلقه خالَلَـــهُ، ومن لا: تجنبه؛ فإن الطباع سراقة.
وروى ابن أبي الدنيا في كتابه «الإخوان» عن عبد الله بن مسعود أنه قال:
اعتبروا الناس بأخدانهم؛ فإن الرجل يخادن من يعجبه نحوه.
۞ قال ابن المقفع في «الأدب الصغير»: «وعلى العاقل أن لا يخادن ولا يصاحب ولا يجاور من الناس _ ما استطاع _ إلا ذا فضل في العلم والدين والأخلاق فيأخذ عنه، أو موافقًا له على إصلاح ذلك، فيؤيد ما عنده وإن لم يكن عليه فضل؛ فإن الخصال الصالحة من البر لا تحيا ولا تنمي إلا بالموافقين والمؤيدين، وليس لذي الفضل قريب ولا حميم أقرب إليه ممن وافقه على صالح الخصال فزاده وثبته، ولذلك زعم بعض الأولين أن صحبة بليد نشأ مع العلماء أحب إليهم من صحبة لبيب نشأ مع الجهال»
۞ وقال الماوردي في كتابه «أدب الدنيا والدين» ذاكرًا فضل مجالسة أهل الخير
ومصاحبتهم بقوله: «فإذا كاثرهم المجالس وطاولهم المؤانس أحب
أن يقتدي بهم في أفعالهم ويتأسى بهم في أعمالهم، ولا يرضى لنفسه أن يقصر عنهم، ولا
أن
يكون في الخير دونهم، فتبعثه المنافسة على مساواتهم، وربما دعته الحمية إلى
الزيادة عليهم والمكاثرة لهم، فيصيروا سببًا لسعادته، وباعثًا على استزادته،
والعرب تقول: (لولا الوئام لهلك الأنام)؛ أي: لولا أن الناس يرى بعضهم بعضًا
فيقتدى بهم في الخير لهلكوا، ولذلك قال بعض البلغاء: (من خير الاختيار: صحبة
الأخيار، ومن شر الاختيار: مودة الأشرار)، وهذا صحيح؛ لأن للمصاحبة تأثيرًا في
اكتساب الأخلاق، فتصلح أخلاق المرء بمصاحبة أهل الصلاح، وتفسد بمصاحبة أهل
الفساد».
۞ وقال ابن عطاء الله السكندري في الحكم: لا تصحب من لا ينهضك حاله، ولا يدلك على الله مقاله.
۞ وقال: ربما كنت مسيئا فأراك الإحسانَ منك صحبتك من
هو أسوأ حالا منك.
قال ابن عجيبة: (والتقدير: ربما تكون مسيئا في حالك، مقصرا
في عملك، فإذا صحبت من هو أسوأ حالا منك، أراك؛ أى: أَبْصَرَتْكَ صحبتُك إلى من هو
أسوأ حالا منك – الإحسانَ منك لما ترى ما يصدر منها من الإحسان، ومن المصحوب من
التقصير والتقصان، فتعتقد المزية عليه، لأن النفس مجبولة على رؤية الفضل لها،
ومشاهدة التقصير من غيرها علما أو عملا أو حالا، بخلاف ما إذا صحبت من هو أحسن
منها؛ فإنها لا ترى من نفسها إلا التقصير، وفي ذلك خير). –انتهى-
ولذا قال رسول الله ﷺ : «لاَ تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِناً وَلاَ يَأْكُلْ
طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌّ» (حسن/صحيح الجامع)..
قال المناوي في فيض القدير: ( لا تصاحب
إلا مؤمنا) لأن الطباع سراقة ومن ثم قيل صحبة الأخيار
تورث الخير وصحبة الأشرار تورث الشر كالريح إذا مرت على النتن حملت نتنا وإذا مرت
على الطيب حملت طيبا وقال الشافعي: ليس أحد إلا له محب ومبغض فإذن لا بد من ذلك
فليكن المرجع إلى أهل طاعة الله..
وصحبة من لا يخاف الله لا يؤمن غائلتها لتغيره بتغير الأعراض قال تعالى
{ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا} والطبع يسرق من
الطبع من حيث لا يدري... (ولا يأكل طعامك إلا تقي) لأن المطاعمة توجب الألفة وتؤدي إلى الخلطة بل هي أوثق
عرى المداخلة ومخالطة غير التقي يخل بالدين ويوقع في الشبه والمحظورات فكأنه ينهى
عن مخالطة الفجار إذ لا تخلو عن فساد إما بمتابعة في فعل أو مسامحة في إغضاء عن
منكر فإن سلم من ذلك ولا يكاد فلا تخطئه فتنة الغير به وليس المراد حرمان غير
التقي من الإحسان لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أطعم المشركين وأعطى المؤلفة
المئين بل يطعمه ولا يخالطه والحاصل أن مقصود الحديث كما أشار إليه الطيبي النهي
عن كسب الحرام وتعاطي ما ينفر منه المتقي فالمعنى لا تصاحب إلا مطيعا ولا تخالل
إلا تقيا.
۞ وقد جعل أهل العلم لاختيار الصاحب ضابطًا:
فقال السفاريني في كتابه «غذاء الألباب»: «كل من لم تستفد من صحبته شيئًا فتركه أولى، وكل من تضرك صحبته في دينك
فتركه واجب، وكذا في دنياك ضررًا له قيمة حيث كان لك منه بد، ودفع المضار مقدم على
جلب المنافع، ويدفع أشد الضررين بأخفهما». –انتهى-
۞ فلابد من المفارقة متى استحالت الموافقة؛
إذ المجانسة شرط المؤانسة.. ففي خبر اعتزالِ الفتيةِ قومَهم شاهدٌ
مُسَانِد، وفي خبر المؤمن مع صاحب الجنتين دليل معاضد، وكذلك في مفارقة الخضر
لموسى عليهما السلام.. قال القرطبي عند قوله تعالى: {قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْنِي عَن
شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا}: «وهذا من الخضر تأديب وإرشاد لما
يقتضي دوام الصحبة، فلو صبر ودأب لرأى العجب، لكنه أكثر الاعتراض، فتعين الفراق
والإعراض».
۞ ومما لوحت به
السورة الكريمة من شرف صحبة الأخيار – تخليد ذكر كلب فتية الكهف في الكتاب المجيد
الكريم، حتى ورد ذكره تصريحا أربع مرار.. قال الله جل ذكره: ﴿... وَكَلۡبُهُم بَٰسِطٞ ذِرَاعَيۡهِ بِٱلۡوَصِيدِ ... (18)﴾، وقال سبحانه:﴿سَيَقُولُونَ ثَلَٰثَةٞ رَّابِعُهُمۡ
كَلۡبُهُمۡ وَيَقُولُونَ خَمۡسَةٞ سَادِسُهُمۡ كَلۡبُهُمۡ رَجۡمَۢا بِٱلۡغَيۡبِۖ
وَيَقُولُونَ سَبۡعَةٞ وَثَامِنُهُمۡ كَلۡبُهُمۡ ... (22)﴾.. فهل رَفَعَ قَدْرَ الكَلْبِ إلا شَرَفُ الصَّحْبِ؟!... قال ابن كثير في «تفسيره» عند قوله تعالى: {وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالوَصِيد}: «وشملت
كلبهم بركتهم، فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال، وهذا فائدة صحبة الأخيار؛
فإنه صار لهذا الكلب ذكر وخبر وشأن»...
۞ وقد جاء في حديث الملائكة السيارة: «... قَالَ: فَيَقُولُونَ: رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ
خَطَّاءٌ، إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ، قَالَ: فَيَقُولُ: وَلَهُ غَفَرْتُ
هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ» رواه مسلم، ولفظ الترمذى: «هم القوم لا يشقى لهم جليس».
۞ بل إنَّ من أعظم حسرات أهل النار يوم القيامة فواتَ صحبة الأخيار؛ لِمَا
يرونه من بركة شفاعة الصاحب الصالح لصاحبه.. قال جعفر بن محمد: «لقد عظمت منزلة الصديق عند
أهل النار؛ ألم تسمع إلى قوله تعالى حاكيًا عنهم: {فَمَا لَنَا مِن شَافِعِين
وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيم}».
۞ وكما لوَّح القرآن بشرف صحبة المتقين الأخيار، كذلك لوَّح
بشؤم خلة الأشرار الفجار؛ فقال سبحانه: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ
الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ
سَبِيلًا(27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا(28) لَقَدْ
أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي
وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا(29)﴾ [الفرقان: 27-29] .. قَالَ الشَّافِعِيُّ –رحمه الله-: صُحْبَةُ مَنْ لَا يَخْشَى الْعَارَ عَارٌ فِي
الْقِيَامَةِ.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ: قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: «يَا بُنَيَّ مَنْ لَا
يَمْلِكْ لِسَانَهُ يَنْدَمْ، وَمَنْ يُكْثِرِ الْمِرَاءَ يُشْتَمْ، وَمَنْ
يَدْخُلْ مَدَاخِلَ السُّوءِ يُتَّهَمْ، وَمَنْ يَصْحَبْ صَاحِبَ السُّوءِ لَا
يَسْلَمْ، وَمَنْ يَصْحَبِ الصَّاحِبَ الصَّالِحَ يَغْنَمْ »
وعَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ: مَنْ يَصْحَبْ صَاحِبَ
السُّوءِ لَا يَسْلَمْ، وَمَنْ يَدْخُلْ مَدَاخِلَ السُّوءِ يُتَّهَمْ، وَمَنْ لَا
يَمْلِكْ لِسَانَهُ يَنْدَمْ ».
وقَالَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه: «الصَّاحِبُ الصَّالِحُ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ، وَالْوَحْدَةُ خَيْرٌ
مِنْ صَاحِبِ السُّوءِ، وَمُمْلِي الْخَيْرِ خَيْرٌ مِنَ السَّاكِتِ، وَالسَّاكِتُ
خَيْرٌ مِنْ مُمْلِي الشَّرِّ، وَالْأَمَانَةُ خَيْرٌ مِنَ الْخَاتَمِ،
وَالْخَاتَمُ خَيْرٌ مِنْ ظَنِّ السَّوْءِ»
وقَالَ الثَّوْرِيَّ –رحمه الله- : صَاحِبُ السُّوءِ جَذْوَةٌ مِنَ النَّارِ.
۞ وحَسْبُكَ من صاحب السوء تَعَوُّذُ رسولِ الله J منه؛ فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ يَوْمِ السُّوءِ، وَمِنْ لَيْلَةِ السُّوءِ، وَمِنْ سَاعَةِ السُّوءِ، وَمِنْ صَاحِبِ السُّوءِ، وَمِنْ جَارِ السُّوءِ فِي دَارِ الْمُقَامَةِ».
۞
قال الإمام ابن بطة العكبري في الإبانة الكبرى: ... قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ سَمِعَ
مِنْكُمْ بِخُرُوجِ الدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ
الرَّجُلَ يَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسَبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، فَمَا يَزَالُ بِهِ حَتَّى يَتْبَعُهُ لِمَا
يَرَى مِنَ الشُّبُهَاتِ» قَالَ الشَّيْخُ: هَذَا قَوْلُ الرَّسُولِ ﷺ، وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ، فَاللَّهَ
اللَّهَ مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، لَا يَحْمِلَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ حُسْنُ ظَنِّهِ
بِنَفْسِهِ، وَمَا عَهِدَهُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِصِحَّةِ مَذْهَبِهِ عَلَى
الْمُخَاطَرَةِ بِدِينِهِ فِي مُجَالَسَةِ بَعْضِ أَهْلِ هَذِهِ الْأَهْوَاءِ،
فَيَقُولُ: أُدَاخِلُهُ لِأُنَاظِرَهُ، أَوْ لِأَسْتَخْرِجَ مِنْهُ مَذْهَبَهُ،
فَإِنَّهُمْ أَشَدُّ فِتْنَةً مِنَ الدَّجَّالِ، وَكَلَامُهُمْ أَلْصَقُ مِنَ
الْجَرَبِ، وَأَحْرَقُ لِلْقُلُوبِ مِنَ اللَّهَبِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ جَمَاعَةً
مِنَ النَّاسِ كَانُوا يَلْعَنُونَهُمْ، وَيَسُبُّونَهُمْ، فَجَالَسُوهُمْ عَلَى
سَبِيلِ الْإِنْكَارِ، وَالرَّدِّ عَلَيْهِمْ، فَمَا زَالَتْ بِهِمُ
الْمُبَاسَطَةُ وَخَفْيُ الْمَكْرِ، وَدَقِيقُ الْكُفْرِ حَتَّى صَبَوْا
إِلَيْهِمْ .. قَالَ: حَدَّثَنَا
الْأَصْمَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنِ الْبَتِّيِّ، قَالَ: كَانَ «عِمْرَانُ بْنُ
حِطَّانَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، فَقَدِمَ غُلَامٌ مِنْ أَهْلِ عُمَانَ مِثْلُ
الْبَغْلِ، فَقَلَبَهُ فِي مَقْعَدٍ»
فاللهم يا ذا المجد والطول.. يا من
له الملك وله الحمد وبيده الحول
حُلْ بيننا وبين جليس السوء، وصاحب
السوء، وجار السوء
وأجرنا بعزك الذي لا يرام من سوء الحساب
يوم القيامة
واجعلنا أهلا لقربك، ومَحَلًّا قابلا
لنصحك
أنت المستعان وعليك التكلان ولا حول
ولا قوة إلا بك
سبحان ربك رب العزة عما يصفون
وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين
Comments
Post a Comment