طرائف الحكم

 طرائف الحكم

 
قال الله عز وجل: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ  وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا  وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ(٢٦٩)[البقرة: 269]
وقال ابن مسعود رضى الله عنه: القلوب تملُّ كما تملُّ الأبدان، فاطلبوا لها طرائف الحكم.

وعَنْ مُجَاهِدٍ في قوله تعالى ﴿وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا لُقۡمَٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ قَالَ: الْفِقْهُ، وَالْإِصَابَةُ فِي الْقَوْلِ فِي غَيْرِ نُبُوَّةٍ.
فالحكمة قوة تجمع أمرين: العلم المطابق للحق وفعل العدل، وهو العمل على وفق العلم.

قال خَالِدُ بْنُ ثَابِتٍ الرَّبَعِيُّ: "وَجَدْتُ فَاتِحَةَ الزَّبُورِ، الَّذِي يُقَالُ لَهُ زَبُورُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ رَأْسَ الْحِكْمَةِ خَشْيَةُ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ".
وعن خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ صُبَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَتِ الْحِكْمَةُ: يَا ابْنَ آدَمَ، تَلْتَمِسُنِي وَأَنْتَ تَجِدُنِي فِي حَرْفَيْنِ: تَعْمَلُ بِخَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَتَدَعُ شَرَّ مَا تَعْلَمُ.
 
وإليك طرفا من طرائفها:

۞ لا تُبَكِّتَنَّ أحدا في الظاهر بما يأتيه في الباطن، واستحِ من نفسك؛ فإنها تلحظ منك ما غاب عن غيرك.
۞ لا تفرح بسقط غيرك؛ فإنك لا تدري تصرف الأيام بك، ولا تنفخ وقت الظفر؛ فإن دائرة الأيام ليست لك، ولا تهزأ بخطأ غيرك؛ فإنك لا تملك المنطق.
يقول ابن الدورقي: اجتمع الكسائي واليزيدي عند الرشيد فحضرت صلاة فقدموا الكسائي يصلي فارْتَجَّ (اختلط) عليه قراءة: {قُلْ يا أيها الكافرون}؛ فقال اليزيدي قراءة: {قُلْ يا أيها الكافرون} ترتج على قارئ الكوفة !! قال: فحضرت صلاة فقدموا اليزيدي فارتَجَّ في الحمد؛ فلما سلم قال:
احفظ لسانك لا تقول فتبتلى ... إن البلاء موكل بالمنطق
۞ لا تُتْرِفْ نفسَك وجسمَك؛ فتفقدهما في الشدة إذا وردت عليك. 
۞ قيل: بماذا ينتقم الرجل من عدوه؟ قال: بأن يزداد فضلا في نفسه.
۞ قيل: ما الشىء الذي لا يَحْسُنُ وإن كان حقا؟ قال: مدح الإنسان نفسه.
۞ للطالب المدْرِك لذة الإدراك، وللمنقطع المحروم راحة اليأس.
۞ قال رجل ليحيى بن خالد: إن أَمِنْتَ الدهر أن يرفعني إلى مرتبتك؛ فلا تأمنه أن يحطك إلى منزلتي؛ فارتاع يحيى وقضى حاجته.
۞ مثل الذي يعلم الناس الخير ولا يعمل به؛ كمثل أعمى بيده سراج يستضىء به غيره، وهو لا يراه.
۞ المسىء لا يظن بالناس إلا سوءا، لأنه يراهم بعين طبعه.
۞ تجنب غيبة أخيك لخصلتين: 
أما الأولى: فلعلك أن تغتابه بما هو فيك، وأما الأخرى: فاشكر الله إذ عافاك مما ابتلاه به.
۞ وقال أحدهم: لو كنت مغتابا أحدا لاغتبت أبوىَّ؛ فأنهم أولى الناس بحسناتي.
ومر محمد بن سيرين بقوم؛ فقام رجل فقال: يا أبا بكر؛ إنا قد اغتبناك فاجعلنا في حِلٍّ! فقال: إني لا أحل ما حرمه الله تعالى. ( وهذا بلا ريب يكون في مقام الزجر لمن عادته اقتراف الإثم والاستخفاف بالأعراض، فلعله بمثل ذلك أن يرعوي).
۞ قال بعضهم: لا تَشْغَلْكَ ذُنُوبُ النَّاسِ عَنْ ذَنْبِكَ، وَلا تَشْغَلْكَ نِعَمُ النَّاسِ عَنْ نِعَمِ اللهِ عَلَيْكَ، وَلا تُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ وَأَنْتَ تَرْجُوهَا لِنَفْسِكَ.
 
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبى الجوامع، ذي الغيث الهامع، منير البصائر، وفاتح المسامع
والحمد لله رب العالمين
 

Comments

Popular posts from this blog

سورة الكهف ومنهج التزكية (١) الحمد على الكتاب

لطيفة في الدلالة المعنوية لرسم اللفظ القرآني (صاحبه)

القرآن بين الفطر والأضحى