Posts

Showing posts from October, 2020

سورة الكهف ومنهج التزكية (2) الحمد على النَّبِىّ صلى الله عليه وسلم

سورة الكهف ومنهج التزكية (2) الحمد على النَّبِىّ صلى الله عليه وسلم ---------------------------------------------------------------------- الْحَمْدُ لِلَّهِ المنْفَرِدِ بِاسْمِهِ الأَسْمَى، المخْتَصِّ بِالْعِزِّ الأَحْمَى، الَّذِي لَيْسَ دُونَهُ مُنْتَهًى وَلَا وَرَاءَهُ مَرْمًى... والصلاة والسلام على أشرف الخلق عَرَبًا وَعَجَمًا، وَأَزْكَاهُمْ مَحْتِدًا وَمَنْمًى، وَأَرْجَحِهِمْ عَقْلا وَحِلْمًا، وَأَوْفَرِهِمْ عِلْمًا وَفَهْمًا، وَأَقْوَاهُمْ يَقِينًا وَعَزْمًا، وَأَشَدِّهِمْ بِهِمْ رَأْفَةً وَرُحْمًا... فَمن آمَنَ بِهِ وَعَزَّرَهُ وَنَصَرَهُ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ فِي مَغْنَمِ السَّعَادَةِ قَسْمًا... ومن كَذَّبَ بِهِ وَصَدَفَ عَنْهُ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ الشقاء حتما ﴿وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِۦٓ أَعۡمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ أَعۡمَىٰ﴾  وبعد؛  فافتتاح سورة الكهف بالحمد يقوم على أصلين:  1. حمد الله على إنزاله الكتاب. 2. وحمده على كون هذا الكتاب منزل على عبده محمد ﷺ. ورسول الله ﷺ هو منة الله ورحمته التي امتن بها على خلقه أجمعين، وخَصَّ بالقدح المعلّى من هذه المنة عباده ...

سورة الكهف ومنهج التزكية (١) الحمد على الكتاب

سورة الكهف ومنهج التزكية (١) الحمد على الكتاب الحمد لله الذي تواتر علينا جزيل إفضاله وكريم إنعامِه، الميسرِ لنا برحمته مسّ كتابه وترتيل كلامِه... والصلاة والسلام على رسول الله القائم لربه بحقِّ إجلاله وإعظامِه ... وبعد؛ فقد استفتح الله جل جلاله سورة الكهف حامدًا نفسه على إنزاله الكتاب فقال سبحانه:﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَٰبَ﴾ وتالله لهو النعمة العظمى، التي حَقَّ علينا شكرها، ومِنْ شكر النعمة تعظيمُ قدرها، والتزام الأدب في تعاطيها ومعها، إذ أنَّ في تعظيمها تعظيما للمنعم بها والمسديها. وكان إبراهيم النخعي يقول: عَظِّمُوا هذه المصاحف. وهذا بشر الحافي؛ ما جاءه البشر إلا ببركة الأدب، فقد جاء في ترجمته أن سبب توبته أنه أصاب في الطريق ورقة وفيها اسم الله تعالى مكتوب، وقد وطئتها الأقدام، فأخذها واشترى بدراهم كانت معه -لم يكن معه سواها- غاليةً (خليط من طيب المسك والعود والعنبر) فطيَّب بها الورقة وجعلها في شق حائط، فرأى في النوم كأن قائلاً يقول له: يا بشر؛ طيبت اسمي! لأطيبن اسمك في الدنيا والآخرة، وكما طهرته لأطهرن قلبك، فلما تنبه من نومه تاب، وصار ذكره إلى م...

سورة الكهف ومنهج التزكية

  سورة الكهف ومنهج التزكية (تمهيد مهم) الحمد لله الذي أنزل القرآن تبيانا وفرقانا... والصلاة والسلام على من كان يمشي فوق الأرض قرآنا... أما بعد؛ فعَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ؛ فَقُلْتُ: أَخْبِرِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَتْ: " كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ " –صحيح مسند الإمام أحمد- وقد أثنى الله تعالى على نبيه صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: {وَإِنَّكَ لعلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}؛  قال ابن عباس رضى الله عنهما:  لعَلَى دِين عظيم لا دين أَحبُّ إِلىّ ولا أَرضى عندى منه وهو دين الإِسلام. وقال الحسن:  هو أَدب القرآن. وقد سمى الأدب أدبا لأنه يدعو الناس إلى المحامد، وينهاهم عن المقابح، وأصل معنى الأدب: الدعاء؛ ومنه قيل للطعام الذي يصنع لدعوة أو عرس مأدُبة. يقول ابن القيم:  الدين كله خلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين. وقال الثورى:  من لم يتأدب للوقت فوقته مقت. أى أن لكل حال من أحوال المرء آداب ينبغي له أن يراعيها حيال وقته، فمتى أهملها  كان وقته وفعله مقتا عليه وخسرانا. وقيل: الأدب في العمل علام...

سورة الكهف - لطيفة نحوية

سورة الكهف لطيفة نحوية ﴿رَحۡمَةً مِّن رَّبِّكَ﴾....﴿رَحۡمَةٌ مِّن رَّبِّي﴾ الحمد لله لطيف المنن... والصلاة والسلام على كريم السَّنن... وبعد؛ فلما ذكر الخضر عليه السلام علة بناء الجدار عقبه بقوله ﴿رَحۡمَةً مِّن رَّبِّكَ﴾... ولما بنى ذو القرنين الردم قال ﴿هَٰذَا رَحۡمَةٌ مِّن رَّبِّي﴾... فنصبت (رحمة) في قول الخضر، ورفعت في قول ذي القرنين... وإعراب الأولى: مفعول لأجله، والفعل محذوف، أى فعلت ما فعلت رحمةً من ربك، أى إرادة أو رجاء رحمة ربك... وعليه فالجملة فعلية وإعراب الثانية: جملة اسمية...(هذا) مبتدأ، و(رحمة) خبر مرفوع. والقاعدة تقول أن الجملة الاسمية أقوى من الجملة الفعلية؛ لأن الاسمية تفيد الثبوت والقوة والرسوخ، وأما الفعلية فتدل على التغير والتبدل. وعليه؛  فلما كان جدار اليتيمين قاصر النفع، محدود الزمن ببلوغ الأشد – وهو زمن قصير- عبر فيه بالجملة الفعلية التي تدل على التغير وعدم الثبوت، إشارة إلى أنه بناء غير قوى ولا راسخ، بل سينقض بمجرد بلوغ اليتيمين أشدهما. ولما كان ردم ذي القرنين عظيم النفع على جميع العباد غير مقصور على فرد بعينه، وكذلك لما كان هذا الردم ثابتا قويا راسخا ممتدا عل...