قَيِّمٗا
سورة الكهف ﴿قَيِّمٗا﴾ الحمد لله الذي أنزل إلينا الكتاب قيمًا ... والصلاة والسلام على من أرسله الله للخلق كافة تاليًا ومُزكّيًا ومعلّمًا ... وبعد؛ فإن الناظر في كتاب الله عز وجل لا تنقضي نهمته ، ولا ينقطع عجبه مما يطالعه من بدائع آياته واصطفاء كلماته مع استيفاء مراداته، فتراه لا تحيف وجازته على سعة معانيه وإحاطتها، ولا يؤثر إجماله على تفصيله وبيانه، فهو إيجاز في إعجاز .. ﴿قُرۡءَانًا عَجَبًا﴾.. ونحن بصدد الوصف الثاني لكتاب الله عز وجل على ما ورد في سورة الكهف، وهو قوله سبحانه ﴿قَيِّمًا﴾، وهذا الوصف على وجازته إلا أنه استوفي حظا وافرا من خصائص وميزات هذا الكتاب المجيد. والأصل الاشتقاقي لمادة قيما (ق و م) ومعناه: أصل يدل على انتصاب الشىء إلى أعلى ثابتا. ويتفرع من هذا الأصل معانٍ وافرة؛ منها -على ما ورد في معاجم اللغة- : ۞﴿قَيِّمًا﴾ أى مصلحا وحافظا وسائسا لأمورهم: كقوله تعالى: ﴿ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ﴾ لأَنهم قائمون على مصالحهن، مُتكفِّلون بأُمورهن، مَعْنِيُّون بشؤونهن؛ وكقوله: ﴿إِلَّا مَا دُمۡتَ عَلَيۡهِ قَآئِمًا﴾ أى ملازما محافظا. وَمِنْهُ قِيلَ...