Posts

Showing posts from February, 2021

سورة الكهف ومنهج التزكية (١٦) إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها (٢)

  سورة الكهف ومنهج التزكية (١٦) إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها (٢) الحمد لله الذي أحسن كل شىء خلقه، وأبدعه... والصلاة والسلام على نبينا محمد خير من فارق لله مضجعه ومهجعه... وبعد؛ فمع المعنى الثاني المستفاد من قول الله عز وجل في سورة الكهف:  ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا٧ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (٨) ﴾   [الكهف: ٧-٨] .. ألا وهو الإحسان. ففي الآية الكريمة إرشاد العباد إلى منزلة الإحسان التي هى الفوق الأعلى لمراتب الإيمان؛ وذلك بتعليم الله لهم من خلال حبك صنعه  ﴿ ٱلَّذِيٓ أَحۡسَنَ كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقَهُ ﴾ ، فالإحسان صفة كمال، وهو من أوصاف ربّ العالمين، وضده الإساءة التي هى نتاجٌ عن صفات النقص كالجهل والعجز والقصور وما إلى ذلك من أوصاف تستحيل على الله تعالى. وقد تحدّث الله جل جلاله عن صنعه لهذا الكون فقال:  ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ ﴾   (النمل: ٨٨) ، ودعا الخلق أن ينظروا في هذا الكون وأن يفتّشوا عن مأخذ في هذه الصّنا...

سورة الكهف ومنهج التزكية (١٥) إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها (١)

سورة الكهف ومنهج التزكية (١٥) إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها (١) الحمد لله جاعل ما على الأرض زينة لها... والصلاة والسلام على نبينا محمد صلاة وسلاما ليس لها منتهى... وبعد؛ يقول الله عز وجل في سورة الكهف:  ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا٧ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (٨) ﴾   [الكهف: ٧-٨] ۞  فمما يستفاد من الآيتين الكريمتين معانٍ؛ نذكر منها اليوم واحدا –إن شاء الله-: وهو:  أى إنا زَيَّنَا وجه الأرض ابتلاءً واختبارًا، ثم بَيَّنَا أنها في عُرْض الفناء، ووشك الزوال؛ لننظر أيهم أزهد فيها وأرغب في الآخرة، كما قال الله عز وجل في وصفها:  ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْس...

سورة الكهف ومنهج التزكية (١٤) خطر الأثر

  سورة الكهف ومنهج التزكية (١٤) خطر الأثر الحمد لله الواحد القهار، مُقَدِّرِ الأَقْدَار، ومحصي الأفعال والآثار... والصلاة والسلام على سيد الأبرار، صادق الأخبار، رحمة الله للعالمين، واضع الأغلال والآصار...  وبعد؛ ۞  فقد قال الله عز وجل لنبيه  ﷺ  في سورة الكهف   ﴿ فَلَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ إِن لَّمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ أَسَفًا (٦) ﴾ ...  وقال في الشعراء  ﴿ لَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ أَلَّا يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ (٣) ﴾ والآيتان تصوران الأثر النفسي للنبى  ﷺ  جراء عدم إيمان قومه، ولكن من الفوارق بين الآيتين: أن آية الكهف تصور حالة النبى  ﷺ  تبعا للآثار المترتبة     على كفر من كفر، وآية الشعراء تصورها بما يتعلق بذوات الكافرين. وكل آية تتناسب مع سياق سورتها؛ فسورة الشعراء تبين عواقب المكذبين، وأخذ الله لهم، وقطع دابرهم؛ لذا كان المطلع متعلق بذواتهم  ﴿ لَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ أَلَّا يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ (٣) ﴾ . أما سورة الكهف فتعلق سياقها ببيان الآثار المترتبة على الأفعال والأق...

سورة الكهف ومنهج التزكية (١٣) فلعلك باخع نفسك

    سورة الكهف ومنهج التزكية (١٣) فلعلك باخع نفسك   الحمد لله الذي أرسل الرياح لواقح، وجعل للخير من عباده مفاتح.. والصلاة والسلام على نبينا محمد ما هبت النسائم أو سكنت البوارح.. وبعد؛ فهذه وقفة مع قوله تعالى:  ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (٦) ﴾   [الكهف: ٦]   - وما في الآية من مراقى التزكية: ۞  المعنى العام للآية:   تمثل الآية حَالَ الرَّسُول  ﷺ  فِي شِدَّةِ حِرْصِهِ عَلَى اتِّبَاعِ قَوْمِهِ لَهُ وَفِي غَمِّهِ مِنْ إِعْرَاضِهِمْ، وَتَمْثِيلَ حَالِهِمْ فِي النُّفُورِ وَالْإِعْرَاضِ  بِحَالِ مَنْ فَارَقَهُ أَهْلُهُ وَأَحِبَّتُهُ فَهُوَ يَرَى آثَارَ دِيَارِهِمْ وَيَحْزَنُ لِفِرَاقِهِمْ. قال الشيخ السعدي في تيسير الكريم الرحمن: ولما كان النبي  ﷺ   حريصا على هداية الخلق، ساعيا في ذلك أعظم السعي، فكان  ﷺ   يفرح ويسر بهداية المهتدين، ويحزن ويأسف على المكذبين الضالين، شفقة منه  ﷺ   عليهم، ورحمة بهم، أرشده الله أن لا يشغل نفسه بالأسف على هؤلاء، ا...