Posts

لطيفة في الدلالة المعنوية لرسم اللفظ القرآني (صاحبه)

  لطيفة في الدلالة المعنوية لرسم اللفظ القرآني (صاحبه) الحمد لله ذي اللطف الخفىّ، والمنّ الحفىّ.. والصلاة والسلام على النبىّ البهىّ، ذي الخلق العلىّ، والوسم الجلىّ.. وبعد؛ فبين يديك لطيفة في رسم اللفظ القرآني –عاملنا الله بجميل لطفه-: قد تقرر في التذكرة السالفة المسماة ب ـــــ(الصحبة وأثرها في الأحسنية) أن المجانسة شرط المؤانسة، وأنه متى استحالت الموافقة فلابد من المفارقة، وهذا كما قرره القرآن بلفظه، فقد أشار إليه – والعلم عند الله- بأسرار رسمه... فقد وردت كلمة ( صاحبه ) في سورة الكهف مرتين – في خلال مقطع ﴿ ۞وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلٗا رَّجُلَيۡنِ ....﴾ ... الأولى من قوله تعالى: { وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَٰحِبِهِۦ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَنَا۠ أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا  ﳘ } [سورة الكهف:34]. والثانية من قوله سبحانه: { ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ } [سورة الكهف:37] . ۞ والملحظ: أن الأولى رسمت بألف معقوفة، غير فاصلة لأجزاء الكلمة هكذا { ﳏ } ، والثانية بألف فاصلة هكذا { ﱝ }   وهذا الرسم موافق –والعلم عند الله- لما تقرر آ...

سورة الكهف ومنهج التزكية (18) الصحبة وأثرها في الأحسنية

  سورة الكهف ومنهج التزكية (18) الصحبة وأثرها في الأحسنية الحمد لله ذي العزِّ الوَاصِبِ، المسَبِّحُ بحمده الرعدُ القاصِب، والنجمُ الثاقِب.. والصلاة والسلام على نبينا محمد الماحي الحاشر العاقب، خير مُجَالِسٍ وأَكْرَمِ صَاحِب... وبعد؛ فلم نزل بصدد قول الله عز وجل: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) ﴾ [الكهف: 7] ، إذ أنه من الإحسان ألا نعجل بذكر متعلق الإحسان وعوائقه، وقد سبقت الإشارة بأن العجلة هى أحد أدواء الأحسنية.. ومن جملة هذه العوائق لمنزلة الأحسنية – ما وردت به الإشارة في سورة الكهف من عظيم أثر الصحبة، وجسيم خطرها على إحسان العبد، فقال جَلَّ شأنه: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ   وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا   وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) ﴾ [الكهف: 28] .. قال الشيخ السعدي في «تفسيره»: «ففيها الأمر بصحبة الأ...

ترويحة أدبية من روائع كليلة ودمنة لابن المقفع في شؤم العجلة الناسِكُ وابنُ عِرْس

  ترويحة أدبية من روائع كليلة ودمنة لابن المقفع في شؤم العجلة الناسِكُ وابنُ عِرْس   قال دَبْشَلِيمُ الملكُ لِبَيْدَبَا الفيلسوف:   ...فاضرب لي مثلَ الرجل العَجْلَان في أمره، من غير رَوِيَّة ولا نظر في العواقب..  قال الفيلسوف:   إنه من لم يكن في أمره متثبتاً، لم يزل نادما، ويصير أمره إلى ما صار إليه الناسك من قتل ابن عرس، وقد كان له ودوداً. قال الملك:   وكيف كان ذلك؟  قال الفيلسوف:   زعموا أن ناسكاً من النساك بأرض جرجان، وكانت له امرأة جميلة، فمكثا زمناً لم يرزقا ولداً، ثم حملت منه بعد الإياس؛ فَسُرَّتِ المرأة وسُرَّ الناسك بذلك، فحمد الله تعالى، وسأله أن يكون الحمل ذكراً،  وقال لزوجته:  أبشري! فإني أرجو أن يكون غلاماً لنا فيه منافع، وقرة عين، أختار له أحسن الأسماء وأحضر له سائر الأدباء.  فقالت المرأة:   ما يحملك أيها الرجل على أن تتكلم بما لا تدري أيكون أم لا؟ ومن فعل ذلك أصابه ما أصاب الناسك الذي أراق على رأسه السمن والعسل. قال لها:   وكيف ذلك؟  قالت:   زعموا أن ناسكًا كان يجري عليه من بيت رجل تاجر، في كل يوم، ...

سورة الكهف ومنهج التزكية (١٧) العجلة داء الأحسنية

  سورة الكهف ومنهج التزكية (١٧) العجلة داء الأحسنية   الحمد لله الذي لا تستعجله عجلة عجول... والصلاة والسلام على النبى الرسول... وبعد؛ يقول الله عز وجل:  ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (٧) ﴾   [الكهف: ٧]  فالعبد مطالب في أعماله بتحقيق الأحسنية لا    بإهتار الأكثرية، ومن أعظم أدواء التحقق بهذا المقام (العجلة). والعجلة: هى طلب أخذ الشىء قبل وقته أو أوانه. فالعَجِلُ لشدة حرصه على الشىء بمنزلة من يأخذ الثمر قبل أوان إدراكه وينعه، ولهذا قال رسول الله  ﷺ :  «التَّأَنِّي مِنَ اللَّهِ وَالْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ»  وكون العجلة من الشيطان لأن الشيطان خلق من نار، ومن صفات النار الخفة والطيش اللتان هما صفة للعجول، لذا جاءت الشريعة بذم العجلة، وبالنهى عنها في صنوف العبادات، لأنها نصيب الشيطان من فعل العبد، وبها يدخل عليه الفساد في ذوات أعماله وأفعاله.   ففي الوضوء..  عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ:  رَجَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ  ﷺ  مِنْ مَكَّةَ إِلَى ا...